» » السمفونية الكونية لا شيء سوى الموسيقى ناصر منذر الجمعية الكونية السورية


  • لقد وفرت الموسيقى منذ زمن بعيد الاستعارات الممتازة للذين أعملوا فكرهم لحل المعضلات المتعلقة بالكون، من "موسيقى الكرات" الفيثاغورثية القديمة إلى نظرية "تجانس الطبيعة" التي حكمت كثيراً من الأبحاث عبر العصور، حيث بحث الإنسان في أغنية الطبيعة عن التجوال الرقيق للأجرام السماوية وعن الانفجارات الصاخبة للجسيمات تحت الذرية. (العالم الألماني يوهانس كبلر –في القرن السابع عشر- كان يؤمن بالجمال والتناغم في السماوات لدرجة أنه أعطى في أحد كتبه النوتة الموسيقية المفصّلة للأنغام السماوية الصادرة عن مجموعة الكواكب أثناء انتقالها عبر مداراتها) وباكتشاف نظرية الأوتار الفائقة اتخذت التعبيرات الموسيقية منحىً مدهشاً وواقعياً حيث تقترح النظرية أن المشهد المجهري تغمره أوتار دقيقة، تتحكم أنساق اهتزازها في تطور الكون.
  • مشكلة الفيزياء الحديثة:

تقوم الفيزياء الحديثة على ركيزتين رئيسيتين، الأولى هي النظرية النسبية العامة لآينشتاين وهي التي تمنحنا الإطار النظري لفهم الكون في أبعاده الكبرى. أما الركيزة الثانية فهي ميكانيك الكم وهي التي تزودنا بالإطار النظري لفهم الكون في أصغر أبعاده. وعلى مدى سنوات من البحوث والتجارب تم إثبات صحة كل التنبؤات التي بشرت بها كل من هاتين النظريتين. غير أنه وفقاً للصياغة الحالية للنسبية العامة ولميكانيك الكم فإنهما غير متوافقتين!! حيث يقوم العلماء عادة إما بدراسة الأجسام الصغيرة الخفيفة –كالذرات ومكوناتها- أو بدراسة الأجسام الضخمة الثقيلة –كالنجوم والمجرات- وليس الأمرين معاً. لكن هاتين النظريتين غير متوافقتين!
موسيقى الوتر هي الحل:
كل الأحداث العجيبة التي تجري في الكون بدءاً من الرقص العشوائي للكواركات (الجسيمات تحت الذرية) إلى الفالس التقليدي لمنظومة مكونة من نجمين يدوران حول بعضهما، وبداية من كرات الله البدائية في الانفجار العظيم (Big Bang) إلى الدوران المهول للمجرات في السماء، كل هذا مجرد انعكاس لمبدأ عظيم وسيادة لمعادلة واحدة.
تفرض علينا نظرية الأوتار الفائقة أن نغير مفاهيمنا عن المكان والزمان والمادة تغييراً جذرياً، وهذا ما فعلته قبلاً نسبية آينشتاين والنظرية الكمومية..
ولكي نقر بفضل نظرية الأوتار الفائقة بإزالة هذه التناقضات ورسم صورة جديدة للزمان والمكان.. فإننا نحتاج إلى:
 العودة إلى بدء قصة تعرفنا على بنية الكون..
  • لمحة تاريخية عن "مادة بناء الكون":

بدأت فيزياء الجسيمات في القرن الخامس قبل الميلاد مع فلاسفة الإغريق لوسيبوس وديمقريطس ونظريتهما الذرية (Atomism) والتي وصفت الكون بأنه مؤلف من فراغ وذرات فقط، أي أن مادة الكون تتألف من ذرات عنصرية (Elementary) لا يمكن تجزئتها إلى مكونات أصغر، هذه الذرات تبقى في حالة حركة في الخلاء، وعندما تتلاقى يمكن أن تلتصق ببعضها لتولد الانطباع بتواصل المادة.
عارض هذه الرؤية أتباع الفلسفة المدرسانية (Scholastic) وأبرزهم أرسطو، الذي رفض فكرة المادة الحبيبية، حيث كان يعتقد بأن المادة مستمرة، أي أن بالإمكان تجزئة أي قطعة مادية إلى فتات أصغر فأصغر إلى ما لانهاية، وقد طال الجدل في هذا الشأن قروناً عديدة، دون أي برهان حقيقي، مع أن أفكار أرسطو كانت سائدة أكثر بسبب تبني الكنيسة لجميع أفكاره!
تغليب النظرية الذرية بدأ في القرن السابع عشر بفضل أعمال غاليليو غاليليه وإسحاق نيوتن، واكتشاف قوانين حركة الأجسام المادية، فقد أصبح بالإمكان إدراك أن حركة الذرات أيضاً تخضع لقوانين فيزيائية معروفة، فإذا علمنا في لحظة معينة موضع وسرعة كل جسيم مادي في الكون، مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الخارجية، لأمكننا أن نستنتج موضع وسرعة كل جسيم مادي في كامل الكون في لحظة معينة، تحدد بصورة تامة ما سيؤول إليه هذا الكون. يعني ذلك أن الكون يتبع مساراً حركياً وحيداً محدداً سلفاً، وقد عبّر العالم الفرنسي بيير سيمون لابلاس في القرن الثامن عشر عن هذه الفكرة بقوله:
"إذا عرف كائن ذكي، في لحظة معينة جميع القوى التي تحرك الطبيعة والمواضع النسبية لكائناتها وسرعاتها فيها، وكانت خبرة هذا الكائن كافية لتحليل كل المعطيات فإنه يستطيع أن يجمع حركة أكبر الأجسام في الكون، وحركة أخف ذرة فيه، حتى في صيغة واحدة، ولن يكون أمام هذا الشخص عندئذ أي شيء غير مؤكد ولسوف ينبسط المستقبل أمام ناظريه كما ينبسط الماضي تماماً".
وبالرغم من أن نظرية نيوتن في الثقالة لم تكن ملائمة لتفسير القوى بين الذرات (لأن كتل هذه الجسيمات بالغة في الصغر، وقانون التجاذب الثقالي ينص على أن كل جسمين يتجاذبان بقوة تتناسب طرداً مع جداء الكتلتين وعكساً مع مربع البعد بينهما)، وبالرغم من تجاهل هذه النظرية لسبب تواجد هذه الذرات وعدم تطرقها للمكان والزمان الذي تتحرك فيه هذه الذرات، إلا أن إسهامات مكسويل في منتصف القرن التاسع عشر وإدخال قوة الكهرطيسية إلى جانب ثقالة نيوتن قد أعادت فكرة لابلاس إلى الصدارة، بالاستناد إلى الظن بأن كل القوى في الطبيعة يمكن أن تكون مظاهر للثقالة والكهرطيسية، ورغم أن وجود الذرات ظل دون تفسير، وبقي الزمان والمكان خارج الفيزياء، فقد اعتقد عدة فيزيائيين أن عملهم القادم يقتصر على ربح رقم عشري جديد في قياس المقادير الفيزيائية، وقد عبّر العالم الإنكليزي لورد كلفن عن ذلك بقوله في محاضرة له عام 1900 في الجمعية البريطانية لتقدم العلوم:
"لم يبقَ أمامنا الآن شيء جديد نكتشفه في الفيزياء، بقي علينا فقط أن نزيد في دقة القياسات".
ولكن بالرغم مما ذهب إليه كالفن استناداً إلى الإنجازات الرائعة التي حققتها فيزياء القرن التاسع عشر إلا أن تلك الفيزياء الاتباعية (Classical) كانت ذات محدودية كبيرة، فمعظم الكيمياء مثلاً كانت خارج نطاق تلك الفيزياء، إذ كان كيميائيو القرن التاسع عشر يعرفون نحواً من ثمانين نوعاً مختلفاً من الذرات، وكانوا استنتجوا كثيراً من قواعد سلوكها، ويدخل في هذا بوجه خاص طرق اتحادها لتكوين جزيئات ولم تكون القوانين المعروفة في الفيزياء عاجزة عن تفسير هذه الأشياء فحسب، وإنما كانت تبدو خارجة عن الصدد تقريباً.
أواخر القرن التاسع عشر بدأت تظهر سلسلة كاملة من الظواهر، التي لم تكن في الحسبان حتى ذلك الحين، فقد حدث اكتشافان مهمان نتيجة مصادفتين ميمونتين هما:
اكتشاف ف.رونتغن للأشعة السينية في فرتسبورغ سنة 1895.
اكتشاف هنري بكرل في باريس سنة 1896 لإشعاع غريب منبعث من اليورانيوم، جعل الصفيحة الفوتغرافية غبشاء.
ومن جهة أخرى فقد اكتشف جوزيف تومسون عام 1897 في مختبر كافندش في كمبردج جسيم مادي صغير مشحون كهربائياً (الإلكترون) له كتلة أقل من واحد بالألف من كتلة أخف الذرات، وقد استخدم في ذلك أنبوبة إنفراغ الأشعة المهبطية. ومن ثم وكثمرة متابعة منظمة لمشاهدات بكرل اكتشف الزوجان بيير وماري كوري سنة 1898 عنصرين كيميائيين جديدين هما البولونيوم والراديوم، اللذان يصدران إشعاعاً أشد بكثير من إشعاع اليورانيوم، وأطلقا على هذه الظاهرة اسم النشاط الإشعاعي (Radioactivity).
وقد كان الكيميائي والفيزيائي البريطاني دالتون أول من أشار إلى أن كون المركبات الكيميائية ذات نسب داخلية معينة يمكن أن يتفسر إذا قبلنا بفكرة ذرات (Atoms) تتجمع معاً لتشكل وحدات جزيئات (Molecules).
في العام 1905 وقبيل أسابيع من بحث "حول الديناميات الكهربائية للأجسام المتحركة" (الذي ندعوه اليوم النظرية النسبية الخاصة)، نشر آينشتاين مقالة عالجت موضوع ذرات الغبار وما شابهها في السائل (وتسمى بالحركة البراونية) وهي حركة اضطراب فوضوية تقوم بها حبيبات غبار صغيرة سابحة في سائل راكد، يمكن أن تفسر على أنها ناجمة عن اصطدام ذرات السائل بحبيبات الغبار، وفي العام 1908 تحقق العالم الفرنسي جان بيرين من صيغة آينشتاين في الحركة البراونية تجريبياً. وبعد ذلك بثلاثة أعوام برهن العالم رذرفورد في العام 1911 أن ذرات المادة ذات بنية داخلية مصنوعة من نواة بالغة الصغر ذات شحنة موجبة ويدور حولها عدد من الإلكترونات
ولكن بالرغم مما ذهب إليه كالفن استناداً إلى الإنجازات الرائعة التي حققتها فيزياء القرن التاسع عشر إلا أن تلك الفيزياء الكلاسيكية كانت ذات محدودية كبيرة، فمعظم الكيمياء مثلاً كانت خارج نطاق تلك الفيزياء، إذ كان كيميائيو القرن التاسع عشر يعرفون نحواً من ثمانين نوعاً مختلفاً من الذرات، وكانوا استنتجوا كثيراً من قواعد سلوكها، ويدخل في هذا بوجه خاص طرق اتحادها لتكوين جزيئات ولم تكون القوانين المعروفة في الفيزياء عاجزة عن تفسير هذه الأشياء فحسب، وإنما كانت تبدو خارجة عن الصدد تقريباً.
وقد كان الكيميائي والفيزيائي البريطاني دالتون أول من أشار إلى أن كون المركبات الكيميائية ذات نسب داخلية معينة يمكن أن يتفسر إذا قبلنا بفكرة ذرات (Atoms) تتجمع معاً لتشكل وحدات جزيئات (Molecules).
أواخر القرن التاسع عشر بدأت تظهر سلسلة كاملة من الظواهر، التي لم تكن في الحسبان حتى ذلك الحين، فقد حدث اكتشافان مهمان نتيجة مصادفتين ميمونتين هما:
اكتشاف ف.رونتغن للأشعة السينية في فرتسبورغ سنة 1895.
اكتشاف هنري بكرل في باريس سنة 1896 لإشعاع غريب منبعث من اليورانيوم، جعل الصفيحة الفوتغرافية غبشاء
وظن في البدء أن نواة الذرة تتألف من إلكترونات وعدد من الجسيمات المشحونة إيجابياً، سموها بروتونات (على أساس أن كلمة بروتون Proton اليونانية تعني الأول) ليكتشف العالم تشادويك عام 1932 أن النواة تحوي جسيماً آخر، سمي النيترون (Neutron) له كتلة البروتون تقريباً لكنه عديم الشحنة.
ظل الاعتقاد بأن البروتون والنترون عنصران أساسيان سائداً حتى ستينات القرن العشرين، لكن تجارب التصادم العنيف فيما بين البروتونات، ومع الإلكترونات السريعة بينت أن البروتونات مؤلفة من جسيمات أصغر منها، دعيت هذه الجسيمات باسم الكواركات (Quarks) باقتراح من الفيزيائي موري جيل-مان. وبسبب عظم أطوال موجات الضوء المرئي بالنسبة لحجم الذرة، لن نستطيع رؤية مكوناتها هذه، لتكون النظرية الكمومية (أو ميكانيك الكم) وسيلتنا في فهمها والتعامل معها.
النظرية الكمومية:
    بدأت هذه النظرية رحلتها عام 1900 مع اقتراح الألماني ماكس بلانك فكرة أن الإشعاع الكهرطيسي ينبثق على شكل رزم أو كموم نسميها فوتونات، أي مكن اعتبار أن الفوتون (بمعنى ما) هو جسيم الضوء، وإذا كانت هذه الفكرة صعبة الإنسجام مع الافتراض القديم بأن الضوء والإشعاعات الكهرطيسية الأخرى تتألف من موجات، فقد حل هذا التناقض الظاهري بمفهوم المثنوية (Duality) موجة/جسيم التي تعني أن الضوء يمكن أن يتجلى كموجات أحياناً وكجسيمات أحياناً أخرى وذلك تبعاً للطريقة المتبعة في رصده، لكن الضوء لا يستطيع أن يتصرف كموجة وكجسيم في آن واحد معاً.
    وصف نيلز بوهر هذه الظاهرة بأن الموجة والجسيم وجهان متتامان (Complementary) لحقيقة واحدة، فإذا كانت الإلكترونات والبروتونات وسواها من الجسيمات الذرية ومادونها تتجلى بشكل موجات في بعض الظروف فإن الفوتون لا يختلف عن شأن هذه الكائنات، حيث يمكن أن يوضع معها في مصاف الأنواع الجسيمية.
    يشكل مبدأ فيرنر هايزنبرغ المسمى بمبدأ الارتياب (Uncertainty Principle) حجر الزاوية في النظرية الكمومية ويمكن أن نعبر عنه كما يلي:
تعاني المقادير الفيزيائية لدى قياسها تفاوتات تغلّف قيمها، ولا يمكن التنبؤ بهذه القيم، فإذا كان (∆X) الارتياب في موضع الجسم، وكان (∆P) الارتياب في اندفاعه (Momentum) فإن الجداء (∆X×∆P) لا يمكن أن يقل عن مقدار ثابت، يسمى ثابت بلانك (h = 6063×10-34).
وكذلك ينطبق مبدأ الارتياب على زوج آخر من المقادير هما الطاقة (E) والزمن (t) أي أن الجداء (∆t×∆E) أيضاً لن يقل عن ثابتة بلانك، أي أن هذه الثابتة هي كم الضبابية في الطبيعة. إذن، يقضي مبدأ هايزنبرغ على المفهوم الحتمي في النظرية الاتباعية، لأن تصغير الارتياب في موضع الجسيم لأبعد حدود سيجعل الارتياب في اندفاعه كبيراً جداً (والعكس صحيح)، وكذلك الأمر فإن الارتياب في الزمن سيكون على حساب ازدياد الارتياب في الطاقة (والعكس صحيح).
إذن بسبب تلك الارتيابات اللاصقة بالمنظومات الكمومية، تفشل قوانين نيوتن الميكانيكية في حال جسيمات كالالكترونات، ويجب إستبدالها بميكانيك كمومي جديد، وقد تم هذا على أيدي هايزنبرغ وشرودنغر ولوي دوبرويه وغيرهم في عشرينات القرن الماضي.
النسبية العامة:
كان هناك نواقص في نظام نيوتن لتفسير قوة الجاذبية. أحدها أن النظام كان يقول بأن قوة الجاذبية لحظية، أي كأن هنالك حبل يربط الأرض بالشمس فلا تحتاج قوة الجاذبية إلى مدة للانتقال، وأن الجاذبية تعمل فقط على المدى الضخم كالكواكب والنجوم والمجرات، و تصبح هذه القوة معدومة في الجزيئات الصغيرة و داخل الذرات. وأنه على الرغم من أن الجاذبية تبدو هي القوة الأكثر وضوحاً إلا أنها تعتبر ضعيفة جداً مقارنة بالقوى الأخرى. لكن آينشتاين رأى خلاف ذلك و هو أن سرعة الضوء هي السرعة القصوى في هذا  الكون، فلا يمكن للجاذبية بأن تكون أسرع من الضوء فقام آينشتاين بتفسير أدق لهذه الجاذبية و هي بأن الكتلة تصنع انحناء في الفضاء و يتسبب هذا في تدحرج (انجذاب) الأجسام الأخرى إلى الكتلة على هذا المنحدر، فكان هذا الاكتشاف مدخل إلى فكرة توحيد القوى في هذا العالم تحت قوة واحدة تحكم هذا الكون ولكن آينشتاين توفي قبل أن يحقق ذلك
تناقض رئيسي:
   
عدم التوافق بين النسبية العامة وميكانيك الكم، حيث أنه في بعض الظروف التي تستوجب تطبيق النسبية العامة وميكانيك الكم (مثلاً.. لحظة بداية الكون التي تجمعت فيها كتلة هائلة في حجم متناه الصغر، أو في الظروف المتواجدة قرب مركز ثقب أسود) تظهر بعض الإجابات غير منطقية أبداً، كأن تأتي تنبؤات حول احتمال حدوث بعض العمليات في ميكانيك الكم لا نهائية (وكل احتمال أكبر من الواحد هو مستحيل، فما بالنا باحتمال لانهائي)!!
الجسيمات دون الذرية:
تصنف الجسيمات وفقاً لعدد اللف الذاتي (السبن) إلى نوعين:
جسيمات فيرمي: (نسبة إلى العالم الإيطالي أنريكو فيرمي) وهي الجسيمات التي سبنها يساوي عدد فردي من  وحدة السبن، أي جميع الجسيمات التي سبنها:  3/2, 1/2, -1/2, -3/2... وهذه الجسيمات تخضع لقانون باولي للانتفاء.
جسيمات بوز:  (نسبة إلى العالم الهندي بوز) وهي الجسيمات التي سبنها يساوي عدد زوجي من وحدة السبن أي الجسيمات التي سبنها: -2, -1, 0, 1, 2 …  وهذه الجسيمات لا تخضع لمبدأ باولي.
كما تصنف الجسيمات التي تساهم في بناء المادة تصنيفاً آخراً:
اللبتونات (Leptons) أي الخفيفات وأشهرها:
اللبتونات المشحونة: الإلكترون والميون والتاوون، أما الميون فهو جسيم قلق كتلته 206 أضعاف كتلة الإلكترون ويتفكك بسرعة، والتاوون هو أيضاً جسيم قلق وثقيل جداً.
اللبتونات غير المشحونة: وتسمى النترينوهات، وهي النترينو الإلكتروني والنترينو الميوني والنترينو التاوي (ولم تحدد كتلة النيترينوهات تجريبياً حتى الآن).
الهدرونات (Hadrons) : وتشمل الجسيمات النووية والجسيمات الناتجة عن التفاعلات النووية، والهدرونات أثقل بكثير من اللبتونات فمثلاً البروتون أثقل من الالكترون بـ 1836 مرة، وتقسم إلى نوعين حسب عدد السبن:
باريونات (Baryons) (أي الثقيلات): وهي الهدرونات الفرميونية (من نوع فيرمي)، ومنها البروتون والنترون وسبين كل منهما 1/2.
ميزونات (Mesons) (المتوسطات): وهي الهدرونات البوزونية (من نوع بوز) ومنها البيون Pion وهو أخف الميزونات وسبنه 0.
والهدرونات هي أجسام مركبة وليست عنصرية كاللبتونات.. فالهدرونات مصنوعة من كواركات.
الكواركات:  هي جسيمات من نوع فيرمي سبنها 1/2، وهي بستة نكهات (Flavors):
علوي (up).
سفلي (down).
ذروي (top).
قعري (bottom).
غريب (strange).
مفتون (charm).
ولكل نكهة ثلاثة ألوان: أحمر، أزرق، وأصفر، ولا تدل هذه التسميات على شيء محدد!! وتجتمع الكواركات لتشكل الهدرونات وفق طريقتين:
اجتماع ثلاثة كواركات:
لتشكل الباريونات (وسيكون سبنها 1/2 أو 3/2) مثل اجتماع كواركين علويين(up) وكوارك سفي (down) لتشكيل البروتون: UUD  أو النترون: DDU  أو الجسيم W: SSS.
اجتماع كواركين:
كوارك مع كوارك مضاد، لتشكل الميزونات (وسيكون سبنها 0 أو 1).
لماذا كل هذه الجسيمات؟
    لماذا يوجد هذا العدد الكبير من الجسيمات الأساسية؟ خصوصاً وأن الغالبية العظمى من الأشياء في العالم لا تحتاج إلا للإلكترونات والكواركات العليا أو السفلى؟ ولماذا تملك هذه الجسيمات كتلة مختلفة عشوائية؟ ولماذا تزين جسيمة التاو 3520 مرة أثقل من الإلكترون؟ ولماذا تزن كواركات القمة 40200 مرة أثقل من الكواركات العليا؟ هل حدث هذا بالصدفة؟ أم باختيار إلهي؟ أم هل هناك تفسير علمي شامل لهذه السمات الأساسية لعالمنا؟
تصبح الأشياء أكثر تعقيداً عندما نتعامل مع القوى التي تجمع هذه الجسيمات..
القوى الأساسية:
يمكن أن ترجع القوى التي تساهم في تشكيل الكون إلى أربعة قوى هي:
الثقالة:
    وهي قوة عالمية تعمل بين جميع الجسيمات، وتتعلق بالكتلة والمسافة، فتزداد بتراكم الكتلة وتتناسب عكساً مع مربع المسافة، مداها كبير لذا هي القوة السائدة في المدى الكوني الكبير، والجسيم الحامل لهذه القوة يسمى الغرافيتون (Graviton) وهو بوزون عديم الكتلة سبنه 2 وتتفاعل الغرافيتونات مع كل الجسيمات بما فيها الغرافيتونات، لكن اقترانها مع بعضها ضعيف جداً حتى أنها لم تلاحظ حتى الآن في المختبرات.
الكهرطيسية:
    هي قوة تعمل بين الجسيمات المشحونة فقط، مداها كبير، تتناسب عكساً مع مربع المسافة، وتزداد بزيادة الشحنة، لكن الشحنات المختلفة تتراكم بما يعدل بعضها بعضاً لذلك هي تعمل فقط في المجال دون الذري، وهي قوة كبيرة فنجد قيمتها بين الكترون وبروتون أكبر بـ 1040 من قوة الثقالة بينهما (على سبيل المثال المغناطيس نرفع المسمار من على سطح الأرض، أي المغناطيس الصغير تغلب على جاذبية كوكب الأرض). والجسيم الحامل للقوة الكهرطيسية هو الفوتون وهو بوزون أساسي سبنه يساوي 1 وكتلته (السكونية) معدومة ويسير بسرعة الضوء ولا يقترن إلا بالجسيمات المشحونة.
النووية الشديدة:
    تعمل فقط في المستوى دون الذري، ومداها قصير إذ إنها تتلاشى تماماً بعد مسافة من رتبة  m 10-15 وتؤثر هذه القوة في جميع الجسيمات النووية (الهدرونات)، وهي المسؤولة عن ترابط البروتونات والنترونات داخل النواة، وهي المسؤولة عن ترابط الكواركات في الباريونات، كموم حقل القوة الشديدة تسمى غليونات (Gluons) وهي بوزونات سبينها 1 كالفوتون.
النووية الضعيفة:
    تعمل فقط في المستوى دون الذري، مداها قصير جداً إذ لا يتعدى 10-17 m وهي أضعف بكثير من القوة الكهرطيسية، لكنها أشد من الثقالة، وتؤثر في الكواركات واللبتونات. هي القوة التي تتحكم بتحلل الجسيمات الأولية داخل الذرة والمسؤولة عن نشاط الذرات. وتمتلك القوة النووية الضعيفة ثلاثة مراسيل: وهي جسيمات من نوع بوز سبنها يساوي 1 ورموزها: (W-) و (Z) و (W+) وتختلف هذه الحوامل عن غيرها بأن كتلها غير معدومة بل أن كتلها كبيرة جداً فالجسيم (W) تقارب كتلته 80 كتلة بروتونية والجسيم (Z) تقارب كتلته 90 كتلة بروتونية وهو يماثل الفوتون بكل شيء عدا الكتلة، أما الجسيمين (W) فهما جسيمان مشحونان كهربائياً ولكل منهما شحنة تساوي شحنة الإلكترون، و (W+) هو المضاد لـ (W-).
حسناً.. مرة أخرى:
لماذا توجد أربع قوى أساسية؟ لماذا ليست خمساً أو أثلاثاً أو واحدة فقط؟ لماذا ينحصر تأثير كل قوة في مجال معين؟ لماذا القوى القوية أقوى من الكهرطيسية بمئة مرة وأقوى من الضعيفة بمئة ألف مرة؟ أين المنطق ليكون العالم بهذه السمات؟
هذا ليس تساؤلاً فلسفياً عديم الجدوى.. فالكون كان ليصبح مكاناً مختلفاً جداً لو تغيرت خواص المادة وجسيمات القوى تغيراً طفيفاً.. فمثلاً: إن تغير النسبة بين شدة القوى القوية والقوى الكهرطيسية ولو تغيراً طفيفاً سيؤدي إلى اختفاء أكثر من مئة عنصر في الجدول الدوري!! ولو كانت كتلة الإلكترونات أكبر بضع مرات مما هي عليه فإنها ستتحد مع البروتونات لتكون نيوترونات لتلتهم أنوية الهيدروجين ليضطرب إنتاج العناصر الأكثر تعقيداً، وبما أن النجوم تعتمد على دمج الأنوية المستقرة فهذه النجوم سوف لن تتواجد!! وأيضاً.. إن كانت شدة الجاذبية أكثر مما هي عليه فإن تجمع المادة داخل النجم سيتم بصورة أقوى مما سيزيد من سرعة التفاعلات النووية بشكل ملحوظ!! وكذلك التفاعل النووي إذا زادت سرعته فسيتسبب بأن نجوماً مثل الشمس ستحترق بمعدلات أسرع بكثير مما سيحدث تأثيراً مدمراً في الحياة كما نعرفها!! ومن ناحية أخرى.. إن نقصت الجاذبية بشكل ملحوظ فلن تتجمع المادة أبداً.. وبالتالي سيمنع هذا من تكون النجوم والمجرات!!
إذن..أصبحت الفكرة واضحة الآن:
العالم هو ما هو لأن المادة وجسيمات القوى لها من الخواص ما لها.. لكن هل هناك من تفسير علمي يقول لنا لماذا هذه الخواص؟
جذور نظرية الأوتار:
تعود جذور النظرية الوترية إلى أواخر الستينات، وإلى أعمال غابرييل فينـزيانو كان عدة فيزيائيين آنئذ يحاولون العثور على مغزى لكثرة الهادرونات، تلك الجسيمات ذات التفاعل الشديد فيما بينها والتي كانت تظهر تباعاً في التصادمات العالية الطاقة في المسرعات الجسيمية، كان ذلك قبل أن تتوطد النظرية الكواركية في بناء المادة.
    كان الشيء المحير في هذا الشأن هو الهادرونات التي فترة حياتها قصيرة جداً، من رتبة 10-23 ثانية، وهي معروفة جماعياً باسم تجاوبات (Resonances) أو جسيمات التجاوب، لأنها كما هو واضح جداً، ليست جسيمات أولية، بل إنها تبدو بالأحرى ضرباً من الحالات المثارة (Excited) لهادرونات أخرى، إذ يمكن أن نتصور أن مكنونات الهادرونات أثيرت إلى مستويات كمومية طاقية عالية بفعل تصادمات عالية الطاقة، وقد بينت التحريات أن بعض هذه الكائنات ذات سبن عال جداً وفوق ذلك تم العثور على علاقة نظامية بين سبن هذه الهادرونات وكتلها.
    ولتفسير هذه الوقائع اقترحت فينيـزيانو نموذجاً وفق مقتضى الحال، لم يكن هذا العمل وقتئذ سوى إجراء رياضي خال من أية صورة فيزيائية، لكن اتضح في سياق التحريات اللاحقة أن نموذج فينيـزيانو يحوي أوصاف حركة وتر كمومية، فكان ذلك خروجاً ملحوظاً من أطر النظريات السابقة التي كانت تصر كلها على نمذجة المادة بلغة الجسيمات، هذا رغم أن النموذج الوتري كان في بعض جوانبه على الأقل، على وفاق مع التجربة أحسن من وفاق النموذج الجسيمي.
لم يكن في ذلك الوقت المبكر يوجد أحد يرى في النموذج الوتري أكثر من عملية تقريبية فجة، وفد بدا كمشكلة أخرى، أنه مقصور على توصيف البوزونات فقط، لكن بعض النظريين درسوا النموذج بعناية وعثروا على نتائج تخص مقدرة النظرية، ففي عام 1970 اكتشف جون شوارتز ونوفو نظرية وترية ثانية تحوي أوصاف الفرميونات.
    وفي حوالي 1974 حصل تطوير للكروموديناميك الكمومي وتوقف الاهتمام بالنظرية الوترية كنموذج للهادرونات، وكان يمكن أن تموت لولا اكتشاف شوارتز وشريكه شيرك إمكان استخدامها في مجال آخر أكثر أهمية بكثير، فقد كان من مشكلات النظرية المبكرة أن الجسيمات التي بدت مستمدة منها تحوي جسيماً عديم الكتلة وسبنه 2، ولم يكن في تشكيلة الهادرونات أي شي من هذا القبيل، لكن هذا الجسيم له أوصاف الغرافيتون بكل دقة الجسيم الحامل للثقالة، فهل النظرية الوترية هي حقاً نظرية ثقالية؟ كما ادعى شيرك وشوارتز، أو هل هي نظرية كل شيء؟؟
    لقد كان على هذه الفكرة الجريئة أن تنتظر زهاء عشر سنوات كي تكتسب مصداقية أوسع، وفي أثناء ذلك عكفت مجموعة صغيرة من الباحثين بمن فيهم جون شوارتز ومايكل غرين على دراسة كل أنواع مسائل التماسك الرياضي، التاخيونات واللانهائيات والشذوذات والحاجة إلى أبعاد إضافية وإلى تناظر فائق، ومن سخرية القدر أن أعمالهم كانت تعتبر مضيعة للوقت في نظرية معتوهة، لكن كل ذلك تغير اليوم، فقد أصبحت بصورتها الحديثة المعروفة باسم نظرية الأوتار الفائقة، تلفت انتباه نفر من أمهر الفيزيائيين النظريين في العالم.
نظرية الأوتار الفائقة.. الفكرة الأساسية:
    تقدم نظرية الأوتار نموذجاً قوياً مبنياً على الفهم يتضمن لأول مرة ظهور إطار يجيب عن تلك التساؤلات.. ولنبدأ بالفكرة الأساسية..
    إن الجسيمات الدقيقة التي تبدو لنا كأنها "حروف" جميع المواد، وفق النظرية الوترية هي ليست مجرد "نقطة" بل تتكون من أنشوطة أحادية البعد مغلقة أو مفتوحة وطولها أصغر بمئة مليار مليار مرة من نواة الذرة (1020 مرة). وكل جسيمة تتكون من من فتيل (string) يتذبذب ويهتز ويتراقص مثل حلقة من المطاط متناهية النحافة (صورة الأوتار ثم صورة تسلسل البناء من تفاحة إلى وتر) وهذا الإحلال المباشر للجسيمات محل جدائل الأوتار كعناصر أساسية يؤدي إلى نتائج بعيدة المدى أولها وأهمها أنه يزيل التناقض بين النسبية العامة وميكانيك الكم حيث أن الطبيعة الفراغية الممتدة للوتر هي العنصر الحرج الجديد الذي يسمح بإطار فريد متجانس يربط بين النظريتين. وثانيهما أن نظرية الأوتار تقد نظرية موحدة تقترح أن كل المادة وكل القوى تنشأ من مكون أساسي واحد هو الأوتار المتذبذبة وأخيراً فإن هذه النظرية تغير مرة أخرى وبصورة جذرية فهمنا للزمكان. (الأوتار هنا كـ أحرف اللغة، أو كـ اللعبة الروسية "ماتروشكا")
استناداً إلى نظرية الأوتار الفائقة فإن الكون ما هو إلا سيمفونية أوتار فائقة متذبذبة، فالكون عزف موسيقي ليس إلا ومن الممكن معرفة الكون ومما يتكوّن من خلال معرفتنا للأوتار ونغماتها، فالكون يتصرف على نمط العزف على الأوتار.

عن المدون Unknown

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد